يكتبها / فتحي الذاري
في حقبة رئاسة دونالد ترامب، شهدت السياسة الأمريكية تحولاً دراماتيكياً تجاه النزاع الفلسطيني وكيان الاحتلال الإسرائيلي. فمع اتضاح التوجهات حيال القضية الفلسطينية، يبدو أن هناك تأكيداً واضحاً على فشل سياسة البيت الأبيض في التعامل مع هذه القضية المستعصيةحيث أظهرت تصريحات ترامب وقراراته استكبارًا سياسيًا يستند إلى تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني وتاريخهم الطويل مع أرضهمظهر قرار ترامب المفترض بشراء أراضٍ في قطاع غزة بهدف الاستثمار وإعادة البناء كخطوة تؤكد فوضى الفكر السياسي الذي يتبناه هو وطاقمه. فالأرض الفلسطينية ليست مجرد قطعة عقارية للتداول والاستثمار بل هي جزء لا يتجزأ من الهوية والانتماء الفلسطيني. إن فهم هذه العلاقة العميقة يؤكد إحساسًا بالتاريخ، واحترامًا للحقائق الإنسانية، وهو ما غاب عن السياسة الأمريكية في تلك الفترة
السعي لتهجير الفلسطينيين الأصليين، الذين تعرضوا للتهجير القسري عام 1948، إلى دول مثل الأردن أو مصر، هو إشارة واضحة إلى الاستهتار بالحقوق الإنسانية. بحسب هذه السياسات يتم تجاهل تضحيات شعب بأسره في سبيل الدفاع عن حقوقهم وهويتهم. وعليه فإن محاولة حل النزاع من خلال تحسين وتجميل غزة ليست سوى شعار فارغ؛ فهي تبتعد عن جوهر المشكلةألا وهو حق الفلسطينيين في العيش بأمان وكرامة على أراضيهم التي احتلها المستوطنون.
إن أي قرار يقترح تهجير الفلسطينيين هو استمرار لطبيعة سياسات استعمارية تاريخية، تؤكد على صراع عميق في فهم الهوية والحقوق بينما يعيش العديد من المهاجرين اليوم على هذه الأرض فإنهم لا يحملون نفس العمق التاريخي الذي يمتلكه الفلسطينيون الأصليون، الذين عاشوا في هذه المنطقة لآلاف السنين.
ستظل هناك فرصة للتوصل إلى حل سلمي يقوم على التعايش، حيث تم الإعلان عن توجه نحو إنشاء دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع كيان الاحتلال الإسرائيلي. ولكن، لتحقيق هذا الطموح، يجب تحويل سياسات التوسع الاستعماري إلى سياسات تعزز من الفهم المتبادل، وتضع احتياجات الشعب الفلسطيني في المقدمة.
دعوة ترامب إلى أن يسأل نفسه ماذا يريد الفلسطينيون؟ الجواب بسيط. هم يريدون العيش بكرامة وسلام، وينبغي أن يتم التعامل معهم بصفتهم أصحاب حقوق.
الأمر الأهم اليوم هو التفكير في إعادة بناء غزة وإعمارها بطريقة تحترم حقوق سكانها. لا يمكن أن تُعتبر غزة مجرد موقع للاستثمار، بل هي وطن يعتني بآمال وطموحات شعب يدافع عن هويته. إن حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يتطلب فهماً عميقاً لمسؤوليات التاريخ، واستعدادًا لإطلاق حوار شامل يحترم حقوق الشعب الفلسطيني إن بناء مستقبل مشرق يتطلب خطوات جادة نحو الاعتراف بحقوق الفلسطينيين وما قدموه من تضحيات مستمرة في سبيل تحقيق حلمهم في الأمن و الحرية، والكرامة على أرضهم التاريخية.